يلجأ الإنسان إلي بعض المواقف للخروج بها من الحالة التي يعانيها من الملل، بعضها مقبول والبعض الآخر غير مقبول، لكنها في النهاية تعبر عن شيء من الطرافة:
أولا : المقالب
للخروج من الملل في الحياة الزوجية يلجأ الأزواج إلي ما يعرف بالمقالب، وذلك بهدف التعايش مع الحياة الزوجية بحلوها ومرها، ومحاولة بث روح المرح والفرح العائلي، بالمواقف الخفيفة مرة، والمقالب البريئة مرات، وهذا الأمر ليس جديدا، حيث يقال إن سقراط أصبح فيلسوفًا كبيرًا، يسير هائمًا في الشوارع، يتحدث مع كل شاب يقابله، بفضل مقالب زوجته الثقيلة، إذ انهمك يومًا في كتاباته وقراءاته، وبجانبه زوجته تثرثر معه بلهجة حادة، وهي تغسل ثيابها، وكان من الطبيعي ألا يرد عليها، فما كان منها إلا أن حملت وعاء الماء الساخن وصبته فوق رأسه، وكان جوابه أن أبرقت ثم أرعدت، ثم أمطرت.
وقد تتحفظ النساء على البدء بالمزاح والمقالب، لأن الأمر لا يبدو مقبولاً تمامًا أمام أهلها في الغالب، لكن الرجل لا يحب الملل لذا فهو يحاول دائمًا أن يضفي لمسة من البهجة في البيت، حتى لو اضطر إلى عمل بعض المقالب ثقيلة الدم حيث يري الرجل أن المزاح بين الأزواج ضروري طالما أن الزوجين متفاهمان، ويحبان بعضهما البعض، وسيكون المزاح في قلب كليهما عسلاً.
لكن البعض الآخر من النساء تلجأن إلى مقالب ثقيلة مع أزواجهن، من باب التجربة والغيرة، كأن تعطي رقم هاتفه لفتاة لتتصل عليه، من باب اختبار ولاء الزوج، فعدم وجود الدعابة في المنزل يزيد من الملل ويقتل جو الرومانسية، بل يؤدي إلى الحياة بشكل سلبي.
لذا فإن غياب المرح والضحك بين الزوجين، سيجعل حياتهما رتيبة ومملة، وتصبح علاقة الزوج بزوجته وأسرته، كعلاقة مدير الشركة بموظفيه، لا يكلمهم إلا من خلال الأنظمة والقوانين، مما يؤدي إلى تجميد العواطف وفتورها، فاللهو والمرح بين الزوجين عمل مستحب.
ولأن أغلب البيوت تتسم بطابع من الرتابة والروتينية، مما يولد نوعًا من الشعور السلبي بين الزوجين، وهذا له أسباب، من أهمها وجود فروق كبيرة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة، والطرف الذي يعتبر نفسه مظلومًا، مما يقلل الفرح بين الزوجين.
لذا يجب أن يكون هناك نوع من الدفء في البيوت بالقدر الذي يتيح تبادل المقالب بين الزوجين، وهو وضع غير مزعج، وليست له تأثيرات سلبية طالما كانت المقالب من النوع الخفيف.
ثانيا: الكاميرا الخفية
الطريقة الثانية التي يلجأ فيها البعض إلي التنفيس عن أنفسهم هي الكاميرا الخفية حيث حاولت الكاميرا الخفية أن تجعل من نفسها المرآة الصادقة للجماهير. فقد أرادت أن تقبض على البشر وهم في حالة تلبس مع ذواتهم، وكانت تلك هي الوصفة الجديدة والناجحة لقهر الملل الذي يخيم علي الحياة التي نعيشها وغالبا ما تحدث الكاميرا الخفية كحيل بين الأصدقاء وحتي بين الأزواج.
وهي في هذه الحالة تختلف عن الكاميرا الخفية التي يتم عرضها في التليفزيون والتي بدأت منهجاً زمنياً لتقديم علاقة محلية جديدة مع الفرد، في القرن الذي لم يكن يستطيع فيه البشر أن يحددوا متطلبات الإعلام بدقة كافية.
لقد استخدمت وسائل الإعلام أساليبا لإقناع المشاهد الفرد بأن القبض عليه في حالة تلبس مع ذاته هي اللحظة الأغلى في حياته "النعمة الإلهية" فهي تقيم للفرد الضحية احتفالاً مؤقتاً، ونجومية، إذا تم انتخابه من بين ملايين البشر.
هذه اللحظة التي تحفر عميقاً في ذهنه على أنه مميز، وهذا ما تشترك به الكاميرا كأداة تقنية أصبحت في متناول يده متى يشاء، وهنا يتكون لدى المرء شعور بأن الدور الذي يجب البحث عنه هو ذاته الذي تلعبه الكاميرا الخفية.
وللخروج من الملل يمكن للجميع أن يلعبوا دور الكاميرا الخفية دون أن يلمسوا الكاميرا، حيث إنه في واقع الأمر ما عليك إلا أن تراقب أصدقاءك وهم يقومون بالأشياء الصغيرة.
لكن هذه المتعة تستمد أصولها أساساً من معرفة الراصد للموقف بأن الأمور لن تفلت من الزمام، وبأن المخالفات والاحتجاجات سيتم استيعابها وذلك بكشف هوية الموقف المازح في ظاهره.
ثالثا: مغازلة النساء في العمل للخروج من الملل
علي الرغم من أن المغازلة من الأمور الغير مستحبة علي الإطلاق سواء بين الأصدقاء أو غير الأصدقاء؛ لأنها تعكر جو الصداقة، إلا أنه أثبتت دراسة علمية حديثة أجراها مجموعة من علماء النفس بجامعة سرى بالمملكة المتحدة أن الرجال يميلون إلى مغازلة صديقاتهم في العمل بسبب شعورهم بالملل الشديد من مهام وظيفتهم، بالإضافة إلى افتقارهم إلى الحس العاطفي.
وأظهرت الدراسة التي أجريت على 200 شخص أن الرجال الذين يعشقون مغازلة النساء هم أقل رضا عن وظائفهم، وهم أكثر شعورا بالملل خاصة أوقات العمل، فالحقيقة هي أن المغازلة لا تدل على الشغف والسلوك العاطفي، بل هي أكثر تعبيرا عن السأم والضجر.
وأكد الباحثون أن الرجال الذين يقومون بمغازلة صديقاتهم في العمل هم أقل فهما لـ"الذكاء العاطفي" وأقل إحساسا بمشاعر الآخرين ولا يستطيعون السيطرة على مشاعرهم، لافتين إلى أن هناك دراسات سابقة أكدت أن النساء اللائي يقمن بمغازلة زملائهن من الرجال في مكان العمل هن أكثر سعادة في وظائفهن.
وقال علماء النفس بجامعة سرى بالملكة المتحدة إن العديد من الأشخاص اعتقدوا أن المغازلة هي أقصر الطرق لتحسين فرص كثير من الرجال والنساء في الحصول على ترقية مناسبة بالعمل، لافتا إلى أن الدراسة وجدت العكس تماما، لأن الأشخاص الذين يقومون بالمغازلة هم أسوأ أداءا في العمل، وأقل رضا عن وظائفهم.
وناقش علماء النفس نتائج الدراسة في مؤتمر الجمعية البريطانية النفسية السنوي في لندن، مشيرين إلى أنه على الرغم من أن المغازلة قد تبدو طريقة رومانسية، إلا أن الكثير يفعلها لجذب الانتباه ولتحسين العلاقات الاجتماعية.
وبدافع الملل أيضا يتغيب الموظفون عن العمل حيث يمثل ذلك ضعف الإنتاجية والسلوكيات المعوقة للإنتاج وهي مشكلة خطيرة للكثير من المؤسسات الإنتاجية؛ فقد قدرت بعض الدراسات أن ما بين 10% إلى 30% من المؤسسات تعلن سنوياً إفلاسها بسبب تدني مستوى الإنتاجية، وبسبب تورط العاملين في أفعال من شأنها أن تقلل من الإنتاج وقد يكون للتغيب عن العمل إسهام في ذلك.
وقد أثبتت دراسة أن المشرفين في القطاع الحكومي ينظرون إلى - سلوك عدم التكيف - الذي يتضمن (كثرة الغياب، وإشغال الوقت في أعمال غير الأعمال المناطة بالموظف، وترك مكان العمل دون عذر) كمؤثر سلبي على الإنتاجية أكثر من المشرفين في القطاع الخاص، وربما يرجع ذلك إلى أن مؤسسات القطاع العام تعاني أكثر من آثار هذا السلوك نظراً لأنهم لا يستطيعون التخلص بسهولة من الموظف الذي تظهر عليه مظاهر سلوك عدم التكيف، لأن عملية استبعاد موظف من عمله تحتاج إلى موافقة جهات عليا، بينما اتخاذ قرار فصل موظف في القطاع الخاص أيسر من القطاع العام؛ فيسهل استبعاد الموظفين غير المنتجين.
السوسنة - رصد - أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة "كينجز" البريطانية أن الأشخاص الأذكياء يأخذون عدداً أقل من الإجازات المرضية، وذلك بعد توصلها إلى وجود رابط "واضح" بين ضعف القدرة الفكرية والاستمرارية أو الغياب عن العمل على المدى الطويل.
ووجدت الدراسة، التي شملت ما يزيد على 23 ألف شخص، والتي نشرت نتائجها في مجلة "الدورية الطبية البريطانية"، أن القدرة الإدراكية في مراحل مبكرة من العمر تؤثر بشكل كبير على ما إذا كان المرض سيمنع الذهاب إلى العمل في المراحل العمرية اللاحقة.
رابعا: التنقل بين الشوارع
وهي إحدى أسباب الملل حيث إن شعور الإنسان بالملل قد يجعل الإنسان يقضي وقتاً طويلاً وهو ينتقل من مكان إلى مكان، وينظر هنا وهناك، وهو يرغب في طرد شيء من الملل
والسآمة التي تملّكت نفسه وأحكمت قبضتها على قلبه، فيسعى لطرد هذا الملل بالتنقل من شارع إلى شارع، ومن مكان إلى آخر ومن منتزه إلى منتزه غيره ولكن دون فائدة.
ويحاول الإنسان أن يدفع ما يشعر به من الفراغ، وأن يقطع عليه ذلك الوقت، بكثرة الكلام والمسامرة مع الأصحاب والخلان، فمن جلسة مع صديق إلى وقفة مع آخر، إلى مكالمة مع ثالث، فيقضي الساعات الطوال في الحديث والكلام.
خامسا: الملل يزيد من الشراهة للأكل
والملل أيضا يزيد الوزن حيث حذرت دراسة نشرتها صحيفة ديلي إكسبريس من أن الملل يسبب زيادة الوزن للنساء، ويجعلهن يأكلن أطعمة تحتوي على سعرات حرارية زائدة.
ووجدت الدراسة أن ربع الطعام الذي يتم استهلاكه كل يوم تأكله نساء لا تعانين من الجوع بل الملل، والذي يجعلهن يلتهمن أكثر من 520 سعرا حراريا في اليوم ويزدن بالتالي من وزنهن ومقاسات ملابسهن خلال أسابيع.
وأشارت إلى أن شطائر الهامبرجر الكبيرة المفضلة لدى النساء الضجرات تحتوي على 492 سعرا حراريا، وذكرت الدراسة أيضا أن الملل يدفع الرجال إلى الأكل واستهلاك ما يعادل 650 سعرا حراريا في اليوم، غير أن النساء يبقين أكثر إقبالاً على الأكل وخاصة إذا كان مزاجهن معكراً.
وأضافت الدراسة أن سيطرة النساء على ما يأكلهن ليس مسألة إرادة وخاصة في حالة الضجر، بل أمراً يتعلق بالرغبة في تناول الطعام وتفهم العلاقة بين الغذاء الزائد وزيادة الوزن.
Commentaires
Enregistrer un commentaire